العمال بين بيادات العسكر وتشويهات الإصلاحيين
بقلم عمر سليم - 30 أبريل 2012
كان للطبقة العاملة المصرية دور بارز وأساسى فى الإطاحة بالطاغية مبارك خلال الموجة الأولى من الثورة، عن طريق الاحتجاجات الواسعة التي تمثلت فى الإضرابات والاعتصامات التى بدأت فى الظهور فى الثامن من فبراير 2011 بعدد من المؤسسات منها روزاليوسف والتلفزيون المصرى، ولكنها تصاعدت بشكل مثير فى اليوم التالى حيث حاصر آلاف العمال مقر محافظة كفر الشيخ وأحرقوا مقر القوى العاملة، كما دخل عمال المصانع البترولية مثل بيروتريد وبترومنت وإبيسكو والتعاون وأنابيب البترول فى إضراب واسع مطالبين بإسقاط وزير البترول. كما شارك أيضاً فى الإضرابات عمال ورش بولاق وورش كوم أبو راضي وعمال شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالقاهرة والنقل العام وهيئة قناة السويس، إلخ. وقد تجاوز عدد الإضرابات خلال هذا الشهر الـ450 إضراباً، وهكذا يتضح كيف تمكنت الطبقة العاملة من تقويض النظام وتتويج نضالها بتوجيه الضربة القاضية التى أطاحت بالديكتاتور مبارك.
ثم انخدع البعض وظنوا أن الثورة حققت أهدافها وانصرفوا إلى بيوتهم، ولكن الطبقة العاملة لم تنخدع وظلت تناضل فى طليعة قوى الثورة، وتقف فى مواجهة قمع العسكر والإصلاحيين الذين لا يكفون عن تشويه الحراك العمالي، فتارة ينعتونه بالفئوي وتارة يصفونه بالثورة المضادة. وبرح الخفاء عما يضمره العسكر من معاداة للطبقة العاملة عندما أصدرت حكومة شرف فى الثالث والعشرين من مارس 2011 مرسوماً بقانون يقضى بتجريم الإضرابات والاعتصامات فى ظل حالة الطوارئ. لكن العمال لم يكترثوا بهذا القانون وحولوه إلى مجرد حبر على ورق؛ إذ تصاعدت وتيرة الاحتجاجات العمالية حتى بلغت ذروتها فى سبتمبر الماضى خلال إضراب النقل العام والأطباء والمعلمين والمصرية للاتصالات وغيرها من الاحتجاجات التى جعلت بوادر الإضراب العام تلوح فى الأفق.
ولم يكتف المجلس العسكرى بذلك القانون الجائر وبحملات التشويه الواسعة، بل أنه لجأ إلى سياسات أكثر وحشية فى التعامل مع الحركة العمالية الصاعدة. ففى أبريل 2011 تم تقديم 22 عامل للمحاكمة العسكرية، وفى مارس 2012 تم اعتقال 5 من من الرؤساء البحريين فى الشركة العربية لأنابيب البترول (سوميد) بعد الإضراب الذى نظموه فى 7 مارس الماضي. كما تم التعامل مع إضراب النقل العام فى مارس 2012، بعدد عماله البالغ 45 ألفاً فى أكثر من 30 جراج، بطريقة مستفزة تهدف لكسر الإضراب؛ فبدلاً من الاستجابة لمطالب آلاف العمال المضربين، قامت القوات المسلحة بنشر أوتوبيسات الجيش لحل الأزمة وتم تجاهل مطالب العمال المضربين.
والعمال لا يواجهون المجلس العسكرى وحده، ولكنهم أيضاً يقفون فى وجه الإصلاحيين وأبواقهم الإعلامية الفاسدة التى لاتزال تشوه الحركة العمالية الصاعدة؛ فتارة يصفون الإضرابات العمالية بالاحتجاجات الفئوية، و تارة بتعطيل عجلة النتاج التى أصبحت الفزاعة التى دائماً ما يلعب الإعلام على وترها، وتارة باتهام العمال المضربين بالعمل وفقا لأجندات أجنبية لزعزعة الاستقرار.
ويُظهر هذا الفزع كيف أن درجة النضالية والصلابة والوعي التي تتمتع بها الطبقة العاملة المصرية لا ترعب فقط رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى في مصر وحسب، بل أنها تقض مضاجع القوى الرأسمالية الأكبر في العالم خوفاً على استثماراتهم وأرباحهم.
العمال إذن يواجهون العسكر ببياداتهم ومحاكمهم العسكرية الظالمة وقوانينهم الجائرة، والإصلاحيين بأحزابهم وأبواقهم الإعلامية. العمال يقفون فى طليعة قوى الثورة ساعين إلى تجذيرها وتصعيدها إلى ثورة اجتماعية تقتلع النظام من جذوره وتطيح بتحالف العسكر مع الإصلاحيين. وهم بخبرتهم النضالية التى اكتسبوها منذ صعود الحركة العمالية فى 2006 قادرين على اقتلاع النظام، وبناء الدولة التى تعمل لمصلحتهم ويقررون فيها مصيرهم بأنفسهم.
![]() |
| The three great problems of this century; the degradation of man in the proletariat, the subjection of women through hunger, the atrophy of the child by darkness. Victor Hugo |

No comments:
Post a Comment